مجد الشبلي: الرحلة إلى أندونيسيا كان فيها “عامل الواو” وهي لا توصف
مجد الشبلي خريج إدارة أعمال من جامعة قطر وله باع في العمل التطوعي، وبهذا اختار أن تكون وظيفته فيما يهواه.. وهو الآن مختص في إعداد البرامج التطوعية بمركز التطوع بجامعة قطر. وآخر نشاط له خارج قطر كان الرحلة التعليمية إلى أندونيسيا التي استمرت لمدة أسبوع. وفي لقاء مع مجد قام بالتحدث عن تجربته الشيقة هناك.
هل هذه هي الرحلة التعليمية الأولى التي تشارك فيها؟ وما هي الأنشطة التي قمتم بها؟
كانت رحلتي الثالثة فعليًا مع مركز التطوع بالجامعة، فالرحلة الأولى كانت إلى أندونيسيا، والثانية إلى النيبال والرحلة الثالثة إلى أندونيسيا للمرة الثانية. وعموم رحلات جامعة قطر والتي تكون بالتعاون مع مؤسسة أيادي الخير نحو آسيا تكون رحلات تعليمية ولخدمة المجتمع، فنقوم باستهداف إحدى المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، ونقوم بتجهيز منهج تعليمي لمدة أسبوع، ويكون المنهج مقسم إلى مواضيع مختلفة: منها الرياضة، اللغة العربية، الثقافة، والبيئة، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية.
وما هو أفضل نشاط مارسته خلال الرحلة؟
الرحلة بأكملها كانت مميزة بالنسبة لي في الحقيقة، وكانت أجمل اللحظات هي التي نلتمس فيها سعادة الأطفال بما نقدمه لهم، فهكذا نشعر بأنهم استفادوا فعليًا من الأنشطة التي نقدمها من أجلهم، وأكثر الأنشاطة متعة بالنسبة لي هو التدريس في الصفوف. عندما كنت أرى أنني أُقدم قيمة فعلية، عِلم ينتفع به هؤلاء الأطفال، وأنها بصمة لا تزاح من عقولهم، ومساهمتي ولو بشكل بسيط في رفعتهم من الناحية التعليمية والفكرية، فهذا شعور لا يضاهى بثمن.
كيف خططتم للرحلة؟
بدأنا فعليًا بالتخطيط للرحلة من قبل ستة أشهر من موعد السفر، فيتم اختيار المدرسة، وتحديد الفئة العمرية، وبعدها يتم تحديد المادة التعليمية وتنظيم محتواها على حسب احتياج المدرسة، وعلى أساسها يتم اختيار الطلبة، كما أننا نقوم بدراسة أفضل وقت للسفر وتحديده، وكتابة جدول كامل للرلحة.
ما هو أبرز ما تعلمته من التجربة؟
كان الهدف من رحلتنا تعليم الأطفال، ولكن نعود بمخرجات تعليمية وقِيَمية كبيرة علينا أيضًا، فنعود حاملين زخم من القناعة، ونقارن مستوانا المعيشي بما يعيشونه، بالنسبة لنا قد نرى أنهم في فقر نوعًا ما، ولكن في نظرتهم هم راضون بهذه الحياة ويعتبرونها هي حياتهم الطبيعية. كما أننا نعود بدافعية كبيرة تجاه مجال التعليم، يعني كانوا يتقبلون المعلومات التي نعطيها لهم بصدر رحب وبشغف على التعلم رغم صغر سنهم. كما تعلمنا منهم أمور كثيرة أخرى منها: الصبر، والاحترام وطيب الأخلاق.
كيف يختلف السفر التطوعي عن العمل التطوعي داخل البلاد؟
يكتشف المتطوع نفسه أكثر خلال السفر، وذلك لأنه يخرج من محيط راحته، محيطه المعتاد، يكتشف نفسه من خلال الظروف الجديدة التي يتعرف عليها، من خلال التجربة التي تكون مختلفة تمامًا عن البيئة التي اعتاد عليه في بلاده. فالظروف الصعبة دائمًا ما تعلم دروس. كما أن خلال السفر التطوعي، يلتمس الشخص حاجة الإنسان الذي أمامه أكثر حيث يكون تركيزه كله عليه، فالطرف الآخر يشعر بذلك ويعيره نفس الإهتمام وربما أكثر، فعندما يعرف أن هناك أناس سافروا وبذلوا جهد للوصول إليه لتقديم الخدمة له يكون أسعد بها وأكثر تقديرًا لها. فعندما نتطوع في البلاد ربما لا نشعر بالفائدة اللحظية على الشخص الذي نقدم إليه الخدمة، فمثلاً بمجرد أن تهديه ورقة وقلم ترتسم البسمة على شفاه هذا الطفل فتشعر بها أنت كمتطوع من أعماقك وتسعد بها أيضًا.
ماذا كانت مهمتك كمختص في إعداد البرامج التطوعية خلال هذه السفرة؟
كانت مهمتي في الإشراف على مجموعة الطلبة، لنتابع تحسن الطلاب من ناحية أدائهم الدراسي، كما أنني كنت أشرف على تقييم مخرجاتهم التعليمية، وإرشادهم في حال كانت هناك معوقات معينة أو تحديات فنحاول حلها، فالمهمة بشكل عام كانت مهمة إشرافية. وكمشرف تعلمت كثيرًا من هذه التجربة من الطلبة الأندونيسيين أنفسهم، وحتى من مجموعة الطلبة من جامعة قطر الذين شاركوا معنا في الرحلة.
هل هناك رحلات قادمة؟ وما رأيك بالسياحة لتطوعية؟
كل سنة أشارك في الرحلة التعليمية المعتادة مع مركز التطوع بجامعة قطر، أما بالنسبة للسياحة التطوعية فهي بالنسبة لي من أهم السفرات التي أعشق وأستمتع القيام بها، فعند سفري إلى أي مكان خاصة خلال الإجازة الصيفية أحب دائمًا أن أضيف هذه اللمسة التطوعية، فهذا التطوع يكون فرصة جميلة للتعرف على المجتمع وعلى عاداته، كما أن المتطوع يشعر بالقيم المجتمعية ويعيشها عندما يختار أن يتطوع خلال سفره، وهذه الإضافة لا يمكن الحصول عليها في بلاد الإقامة.
في أغلب السفرات السياحية التي أقوم بها مع أصدقائي يكون الهدف سياحي، من أجل التعرف على الدولة، ولكننا لا ننسى الجانب التطوعي حيث أنه يعود علينا بالفضل أيضًا إذ أننا نتعرف على ثقافة البلاد بشكل أعمق. وكانت آخر رحلة لي مع أصدقائي إلى البوسنة حيث شاركنا في حملة لدعم اللاجئين السوريين هناك، وكان من الجميل أن نرى تعاطفهم مع هذه القضية التي تمسنا نحن قبل أن تمسهم كعرب ومسلمين. كما أنهم كانوا يسعدون بفكرة قدوم أناس من الخارج من أجل مساعدتهم في حملاتهم التطوعية.
كيف تصف هذه التجربة؟
الكلمات قد تعجز بعض الأحيان عن التعبير، ولكن عمومًا الإلهام الذي يأتيني من وراء هذه الرحلات والتعلم من المجتمعات وقيمهم التي ربما لا نشعر بأهميتها في بلادنا شيء لا يوصف. وهذه الرحلات ما يمكنني قوله عنها هي أنها تحمل عامل الـ “واو” مثلما يقولون WOW FACTOR ونحن فعليًا نقول واو بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
إضافة خاصة له:
التطوع عند بعض الأشخاص قد يكون عبارة عن مجرد تقضية وقت، أو اكتساب مهارات معينة على الصعيد الشخصي، ولكنه مفهوم أكبر بكثير من ذلك، والشخص لن يعرف معنى التطوع الحقيقي إلاّ إذا جربه وهو من نفسه سيلتمس الشعور الصحيح ببوصلة الإنسانية وبوصلة الخير التي يملكها بفضل الفطرة التي أودععها الله فيه، وحين يصل إلى هذا الشعور سيختلف دافع قيامه بهذا العمل التطوعي ليصبح “أنا هنا لخدمة المجتمع ولخدمة الإنسانية بشكل يليق بها.”