متطوع الشهر
جهاد القاضي: من ينضم لعالم التطوع سيجد سعادته!
بدأت حياتي التطوعية بمحض الصدفة أو ربما تحت الإجبار! في عام 2011 كنت أنهي آخر مرحلة في الثانوية و قد صادف أن كانت دفعتي التجربة الأولى للمجلس الأعلى للتعليم في تطبيق قرار إجبار الطلاب على إنهاء عدد محدد من الساعات التطوعية حتى يتمكن الطالب من التخرج . و من هنا بدأت قصتي ..
انضممت لأحد المشاريع الشبابية التي ركزت على تعزيز مفهوم التطوع لدى طلاب المرحلة الثانوية من خلال توفير ورش تدريبية و زيارات ميدانية تطوعية مختلفة حسب الاهتمام . شاءت الأقدار أن أختار رحلة " زراعة الأشجار في جامعة قطر " . آنذاك , اعتبرتها وسيلة لزيارة جامعة قطر و التعرف عليها عن كثب في حال قدر لي أن أكون من طلابها .و بالفعل , شاركت في الرحلة و زرعنا بذورا عند المدخل الأساسي لبوابة البنات التي أنظر إليها اليوم بكل فخر و اعتزاز كأول إنجاز لي عند بوابة الحياة الجامعية و قد صارت أشجاراً تصافحني غصونها كل يوم مذكرة إياي بأنني بالأمس كنت زائرة و ها أنا ذا اليوم طالبة تعتز بجامعتها و يزيد انتماؤها لها يوما بعد يوم .
مع بداية حياتي الجامعية , انضممت لمشروع مصرف الوقت الذي كان السبب في النقلة النوعية لحياتي الجامعية. وجدت فيه طلابا غير عاديين, طموحين و مبادرين , طلاباً يحملون قضية " استثمار و تقدير قيمة الوقت " .
المشروع لم يكن مجرد تجمع شبابي و إنما أسرة يهتم أعضاؤها بمصلحة الاخرين و تنمية قدرات و مهارات الجميع . لا يسعني التعبير عن مدى تقديري لكل ما قدموه من دعم و تشجيع منذ بداية رحلتي الجامعية إلى اليوم !
و منذ ذلك الحين, توالت مشاركاتي التطوعية حتى شملت جميع الفعاليات , المؤتمرات ,المشاريع الشبابية و الحملات الخيرية و الإغاثية . لكل مشاركة طابعها و ذكرياتها المليئة بالصداقات المميزة و الخبرات الفريدة . التطوع أضفى بألوانه الحياة و الشغف و الطموح للمرحلة الجامعية . لولاه , لمازلت اليوم أتذمر من تخصصي السابق أو ألوم جامعتي على عدم قبولي في التخصص الذي كنت أعتقد أنه الخيار الأفضل لي. و لكن , مع انغماسي أكثر في المجال التطوعي , تغير مسار طريقي كلياً من أن أكون مجرد طالبة هدفها الوحيد و الأهم أن " تتخرج " من أي تخصص كان , إلى طالبة أكثر نضجا و ووعياً جعلت من التخرج مجرد بوابة خروج من محطة الجامعة التي تفيض بالتجارب و الانجازات و الخبرات .
للأسف , يسارع الكثير من الطلاب إلى الهروب من تلك المحطة بأسرع وقت ممكن معتقدين أن الإنجاز يكمن في التخرج فحسب , حالمين بأن تكون المحطة التالية أكثر جمالا فيجدون أنفسهم أمام أبواب مؤسسات و شركات تغلق أبوابها بإحكام أمام كل عديم خبرة . و النتيجة,يأس و إحباط و صدمة تقع على رؤوسٍ كانت تعلوها قبل برهة قبعات التخرج .
و لعل الخريج لا يستوعب كيف يمكن للمجتمع أن يضع الخبرة ضمن شروط القبول في الوظيفة و هو حديث عهد بالتخرج. و الواقع أنه لا يعلم أن الطالب الجامعي الحقيقي هو من يستثمر سنوات الجامعة في الدمج بين الحياة الأكاديمية و الحياة الغير أكاديمية فيوفق بين دراسته و الأنشطة و التطوع و أيضا التوظيف الطلابي, و هذا يكسبه بعد التخرج قائمة طويلة من التجارب و الخبرات و العلاقات التي تجعل منه هدفاً تسعى إليه المؤسسات و الشركات , دون أن يتكبد عناء البحث .
و أنا كطالبة ناشطة في العمل التطوعي و الشبابي على مدار سنوات الجامعة ,و الذي أصبحت بفضله و لله الحمد أكثر إيجابية , أكثر عطاءً و مسؤولية و أكثر حرصاً على التأثير في مجتمعي , أدعو الجميع إلى تجربة التطوع لكن بنية مساعدة الآخرين و ترك أثر إيجابي في المجتمع لا بنية الحصول على الشهادات و الصداقات و العلاقات و باقي الفوائد لأن هذه الأخيرة سينالها في كل الأحوال بمجرد مشاركته .لكن يضل طعم التجربة يختلف حسب نية المتطوع.
و في الختام أقول : إن التطوع كلمة تنوعت تعاريفها بتنوع تجارب المتطوعين . لذلك أدعو دائما الطلبة لتجربة التطوع بأنفسهم حتى يصوغوا تعريفهم الخاص عوضاً عن اقتباس تعاريف غيرهم.و مهما اختلفت التعاريف , أؤكد و أجزم أن كل من ينضم لعالم التطوع سيجد سعادته لا محالة و سيشعر بمعنى العطاء و المبادرة و الانجاز.